Surah At Tawbah Tafseer
Tafseer of At-Tawbah : 2
Saheeh International
So travel freely, [O disbelievers], throughout the land [during] four months but know that you cannot cause failure to Allah and that Allah will disgrace the disbelievers.
Waseet Tafseer
Tafseer 'Waseet Tafseer' (AR)
وقوله - تعالى - ( فَسِيحُواْ فِي الأرض أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ . . . ) بيان للمهلة التى منحها - سبحانه - للمشركين ليدبروا فيها أمرهم .والسياحة فى الأصل : جريان الماء وانبساطه على موجب طبيعته ، ثم استعملت فى الضرب فى الأرض والاتساع فى السير والتجوال . يقال : ساح فلان فى الأرض سيحا وسياحة وسيوحا إذا تنقل بين أرجائها كما يشاء .والخطاب للمؤمنين على تقدير القول . أى : فقولوا أيها المؤمنون للمشركين سيحوا فى الأرض أربعة أشهر .ويجوز أن يكون الخطاب للمشركين أنفسهم الالتفات من الغيبة إلى الضحور ، لقصد تهيئة خطابهم بالوعيد المذكور بعد ذلك فى قوله - - سبحانه - ( واعلموا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي الله ) .والمقصد بالأمر فى قوله : ( فَسِيحُواْ ) الإِباحة والإِعلام بحصول الأمان لهم فىت لك المدة من أن يقتلوا أو يقاتلوا أو يعتدى عليهم . . .والمعنى : قولوا أيها المسلمون للمشركين - بعد هذه البراءة منهم ، سيحوا فى الأرض ، أى : سيروا فيها مقبلين ومدبرين حيث شئتم وأنتم آمنون فى هذه المدة .وفى التعبير بقوله ( فَسِيحُواْ ) من الدلالة على كمال التوسعة ، ما ليس فى قوله ( سيروا ) أو ما يشبهه ، لأن لفظ السياحة يدل الا الاتساع فى السير والبعد عن المدن ، وعن موضع العمارة .والحكمة فى إعطائهم هذه المدة تمكينهم من النظر فى أمر أنفسهم حتى يختاروا ما فيه مصلحتهم ، ويعلموا أنهم ليس أمامهم بعد هذه المدة إلا الإِسلام أو السيف ، ولكى لا نسب إلى المسلمين الغدر وبنذ العهد دون إعلام أو إنذار .وهذا من سمو تعاليم الإِسلام . تلك التعاليم التى لم تبح لأتباعها أن يأخذوا أعدى أعدائكم على غرة ، بل منحت هؤلاء الأعداء مهلة كافية يدبرون فيها أمر أنفسهم وهم آمنون من أن يتعرض لهم أحد من المسلمين بأذى .ومتى كان ذلك؟ كان ذلك فى الوقت الذى نقض فيه المشركون عهودهم عند أول بادرة لاحت لهم ، وفى الوقت الذى أرجف فيه المرجفون أن المسلمين لن يعودوا من تبوك سالمين ، بل إن الروم سيأخذونهم أسرى ، وفى الوقت الذى كانت المجتمعات فيه يغزو بعضها بعضا بدون إنذار أو إعلام . .فإن قيل : وما الحكمة فى تقدير هذه المهلة بأربعة أشهر؟فالجواب - كما يقول الجمل - اقتصر على الأربعة - هنا لقوة المسلمين إذ ذاك ، بخلاف صلح الحديبية فإنه كان لمدة عشرة سنين لضعف المسلمين إذا ذاك ، والحاصل أن المقرر فى الفروع أنه إذا كان بالمسلمين ضعف جاز عقد الهدنة عشر سنين فأقل ، وإذا لم يكن بهم ضعف لم تجز الزيادة على أربعة أشهر .وقال بعض العلماء : ولعل الحكة فى تقدير تلك المدة بأربعة أشهر ، أنها هى المدة التى كانت تكفى - إذ ذاك بحسب ما يألفون - لتحقيق ما أبيح لهم من السياحة فى الأرض ، والتقلب فى شبه الجزيرة على وجه يمكنهم من التشاور والأخذ والرد مع كل من يريدون أخذ رأيه فى تكوين الرأى الأخير ، وفيه فوق ذلك مسايرة للوضع الإلهى فى جعل الأشهر الحرم من شهور السنة أربعة .على أنا نجد فى القرآن جعل الأربعة أمدا فى غير هذا فمدة إيلاء الرجل من زوجه أربعة أشهر - وعدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر .ولعل ذلك - وراء ما يعلم الله - أنها المدة التى تكفى بحسب طبيعة الإِنسان لتقليب وجوه النظر فيما يحتاج إلى النظر ، وتبدل الأحوال على وجه تستقر فيه إلى ما يقصد فيه .ويؤخذ من تقرير الهدنة للأعداء فى هذا المقام تقرر مبدأ الهدنة والصلح فى الإِسلام ، طلبها العدو أم تقدم بها المسلمون ، وأصل ذلك مع هدنة المشركين هذه قوله - تعالى - فى سورة الأنفال ( وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فاجنح لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى الله ) وأن مدتها تكون على حسب ما يرى الإِمام وأرباب الشورى المقررة فى قوله - تعالى - ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمر ) وقد اختلف المفسرون فى ابتداء هذه الأشهر الأربعة فقال مجاهد والسدى وغيرهما : كان ابتداء هذه الأشهر الأربعة يوم الحج الأكبر من السنة التاسعة ونهايتها فى العاشر من شهر ربيع الآخر من السنة العاشرة ، وذلك لأن المشركين قد أعلموا بهذه الملهلة يوم النحر من السنة التاسعة على لسان على بن أبى طالب - كما سبق أن بينا .وقيل كان ابتداء هذه الأشهر الأربعة يوم النحر لعشر من ذى القعدة من السنة التاسعة ونهايتها فى اليوم العاشر من شهر ربيع الأول من السنة العاشرة ، وذلك لأن الحج فى تلك السنة كان فى ذلك الوقت بسبب النسئ الذى ابتدعه المشركون .والرأى الأول أرجح وعليه الأكثرون ، لأن معظم الآثار تؤيده . وكذلك اختلف المفسرون اختلافاً كبيرا فيمن تنطبق عليهم هذه المهلة ، فقال مجاهد ، هذا تأجيل للمشركين مطلقاً ، فمن كان مدة عهده أقل من أربعة أشهر رفع إليها ، ومن كانت أكثر حط إليها ، ومن كان عهده بغير أجل حد بها . ثم هو بعد ذلك حرب لله ولرسوله ، يقتل حيث أدرك ، ويؤسر ، إلا أن يتوب ويؤمن .وقال آخرون : كانت هذه الأربعة الأشهر مهلة لمن له عهد دون الأربعة الأشهر ، فأما من كان له عهد مؤقت فأجله إلى مدته مهما كانت هذها لمدة لقوله - تعالى - بعد ذلك : ( فأتموا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إلى مُدَّتِهِمْ ) .وهذا القول قد اختاره ابن جرير وغيره ، فقد قال ابن جرير - بعد أن ذكر عدة اقوال فى ذلك :" وأولى الأقوال فى ذلك بالصواب قول من قال : الأجل الذى جعله الله إنما هو لأهل العهد الذين ظاهروا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونقضوا عهدهم قبل انقضاء مدته ، فأما الذين لم ينقضوا عهدهم ، ولم يظاهروا عليه ، فإن الله - تعالى - أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بإتمام العهد بينه وبينهم إلى مدته بقوله : ( إِلاَّ الذين عَاهَدتُّم مِّنَ المشركين ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فأتموا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ الله يُحِبُّ المتقين ) ، ثم قال : وبعد ففى الأخبار المتظاهرة " عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه حين بعث عليا ببراءة إلى أهل العهود بينه وبينهم أمره فيما أمره أن ينادى به فيهم " ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فعهده إلى مدته " وهو أوضح دليل على صحة ما قلنا .وذلك أن الله لم يأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم بنقض عهد قوم كان عاهدهم إلى أجل ، فاستقاموا على عهدهم بترك نقضه ، وأنه لما أجل أربعةأشهر من كان قد نقض عهده قبل التأجيل ، أو كان له عهد إلى أجل غير محدود ، فأما من كان أجل عهده محدودا ، ولم يجعل بنقضه على نفسه سبيلا ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بإتام عهده إلى غاية اجله مأمورا ، وبذلك بعث مناديه فى أهل الموسم من العرب . .والذى يبدو لنا بعد مراجعة الأقوال المتعددة فى شأن من تنطبق عليهم هذه المهلة من المشركين - أن ما اختاره ابن جرير هو خير الأقوال وأقواها ، لأن النصوص من الكتاب والسنة تؤيده .ومن أراد معرفة هذه الأقوال بالتفصيل فليراجع ما كتبه المفسرون فى ذلك .ثم بين - سبحانه - أن هذا الإِمهال للمشركين لن ينجيهم من إنزال العقوبة بهم متى استمروا على كفرهم فقال - تعالى - : ( واعلموا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي الله وَأَنَّ الله مُخْزِي الكافرين ) .أى : واعلموا - أيها المشركون - أنكم بسياحتكم فى الأرض خلال تلك المهلة لن تعجزوا الله - تعالى - فى طلبكم ، فأنتم حيثنا كنتم تحت سلطانه وقدرته ، واعلموا كذلك أنه - سبحانه - مذل للكافرين ، فى الدنيا بالقتل والأسر ، وفى الآخرة بالعذاب المهين .فالآية الكريمة قد ذيلت بما يزلزل قلوب المشركين بالحقيقة الواقعة ، وهى أن ذلك الإِمهال لهم ، وتلك السياحة فى الأرض منهم ، كل هذا لن يجعلهم فى مأمن من عقاب الله ، ومن إنزال الهزيمة بهم ، لأنهم فى قبضته .ومها أعدوا خلال تلك المهلة من عدد وعدد لقتال المؤمنين ، فإن ذلك لن ينفعهم ، لأن سنته - سبحانه - قد اقتضت أن يجعل النصر والفوز للمؤمنين والخزى والسوء على الكافرين .قال الفخر الرازى ما ملخصه ، وقوله : ( واعلموا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي الله ) . المقصود منه : أنى أمهلتكم - أيها المشكرون - وأطلقت لكم السياحة فى الأرض - فافعلوا كل ما أمكنكم فعله من إعداد الآلات والأدوات ، فإنكم لا تعجزون الله بل هو الذى يعجزكم ، لأنكم حيث كنتم فأنتم فى ملكه وتحت سلطانه .
Social Share
Share With Social Media
Or Copy Link
Be our beacon of hope! Your regular support fuels our mission to share Quranic wisdom. Donate monthly; be the change we need!
Be our beacon of hope! Your regular support fuels our mission to share Quranic wisdom. Donate monthly; be the change we need!
Are You Sure you want to Delete Pin
“” ?
Add to Collection
Bookmark
Pins
Social Share
Share With Social Media
Or Copy Link
Audio Settings