Surah Al Anfal Tafseer
Tafseer of Al-Anfal : 5
Saheeh International
[It is] just as when your Lord brought you out of your home [for the battle of Badr] in truth, while indeed, a party among the believers were unwilling,
Waseet Tafseer
Tafseer 'Waseet Tafseer' (AR)
ثم أخذت السورة - بعد هذا الافتتاح المشتمل على أروع استهلال وأبلغه وأحكمه . . فى الحديث عن الغزوة التى كان من ثمارها تلك الأنفال . فاستعرضت مجمل أحداثها ، وصورت نفوس فريق من المؤمنين الذين اشتركوا فيها أكمل تصوير ، استمع معى - أخى القارئ - بتدبر وتعقل إلى قوله - تعالى - : ( كَمَآ أَخْرَجَكَ . . . كَرِهَ المجرمون ) .الكاف فى قوله - تعالى - : ( كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ ) بمعنى مثل ، أى : للتشبيه وهى خبر لمبتدأ محذوف هو المشبه ، وما بعدها هو المشبه به ، ووجه الشبه مطلق الكراهة ، وما ترتب على ذلك من خير للمؤمنين .والمعنى : حال بعض أهل بدل فى كراهتهم تقسيمك الغنائم بالسوية ، مثل حال بعضهم فى كراهة الخروج للقتال ، مع ما فى هذه القسمة والقتال من خير وبركة .ونحن عندما نستعرض أحداث غزوة بدر ، نرى أنه قد حدث فيها أمران يدلان على عدم الرضا من فريق من الصحابة ، ثم أعقبها الرضا والإِذعان والتسليم لحكم الله ورسوله .أما الأمر الأول فهو أن فريقا من الصحابة - وأكثرهم من الشبان - كانوا يرون أن قسمة الغنائم بالسوية فيها إجحاف بحقهم ، لأنهم هم الذين قاموا بالنصيب الأوفر فى القتال ، وأن غيرهم لم يكن له بلاؤهم - كما سبق أن بينا فى أسلوب نزول قوله - تعالى - ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال ) ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قسم غنائم بدر بين الجميع بالسوية ، كما أمره الله - تعالى - .وكان هذا التقسيم خيراً للمؤمنين ، إذ أصلح الله به بينهم ، وردهم إلى حالة الرضا والصفاء . .وأما الأمر الثانى : فهو أن جماعة منهم كرهوا قتال قريش بعد نجاة العير التى خرجوا من أجل الحصول عليها ، وسبب كراهيته لذلك أنهم خرجوا أجل الحصول عليها ، وسبب كراهيتهم لذلك أنهم خرجوا بدون استعداد للقتال ، لا من حيث العدد ولا من حيث العدد .ولكنهم استجابوا بعد قليل لما نصحهم به رسولهم - صلى الله عليه وسلم - من وجوب قتال قريش . . وكان فى هذه الاستجابة نص الإِسلام نصر الإِسلام ، ودحر الطغيان .قال ابن كثير : روى الحافظ بن مردويه - بسنده - عن أبى أيوب الأنصارى قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بالمدينة : " " إنى أخبرت عن عير أبى سفيان بأنها مقبلة ، فهل لكم أن نخرج قبل هذه العير لعل الله أن يغنمنا إياها؟ فقلنا نعم . فخرج وخرجنا فلما سرنا يوما أو يومين قال لنا :" ما ترون فى قتال القوم؟ إنهم قد أخبروا بخروجكم "؟ فقلنا : ما لنا طاقة بقتال العدو ولكننا أردنا العير ، ثم قال : " ما ترون فى تقال القوم "؟ فقال المقداد بن عمرو : إذن لا نقول لك يا رسول الله كما قال بنو إسرائيل لموسى : ( فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فقاتلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ . . ) ولكن إذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون " .وفى رواية أن أبا بكر وعمر وسعد بن معاذ تكلموا بكلام سر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .هذا ، وما قررناه قبل ذلك من أن الكاف فى قوله - تعالى - ( كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ . . ) بمعنى مثل ، هو ما نرجحه من بين أقوال المفسرين التى أوصلها بعضهم إلى عشرين قولا .قال الجمل ، قوله ( كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ . . ) فيه عشرون وجهاً ، أحدهما : أن الكاف نعت لمصدر محذوف تقديره؛ الأنفعال ثابتة لله ثوبتاً لكما أخرجك ربك ، أى : ثبوتاً بالحق كإخراجك من بيتك ، يعنى أنه لا مرية فى ذلك .الثانى : أن تقديره وأصلحوا ذات بينكم إصلاحاً كما أخرجك ، وقد التفت من خطاب الجماعة إلى خطاب الواحد .الثالث : تقديره : وأطيعوا الله ورسوله طاعة ثابتة محققة كما أخرجك أى : كما أن إخراج الله إياك لا مرية فيه ولا شبهة . الخ . .والحق أن معظم الوجوه النحوية التى ذكرها الجمل وغيره من المفسرين - كأبى حيان والآلوسى - أقول : إن معظم هذه الوجوه يبدو عليها التكلف ومجانبة الصواب .ورحم الله صاحب الكشاف فقد أهمل أكثر ما ذكره المفسرون فى ذلك ، واكتفى بوجهين فقال :قوله : ( كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ ) . فيه وجهان أحدهما : أن يرتفع محل الكاف على أنه مبتدأ محذوف تقديره : هذه الحال كحال إخراجك . يعنى أن حالهم فى كراهية ما رأيت من تنفيل الغزوة مثل حالهم فى كراهة خروجك للحرب .والثانى : أن ينتصب على أنه صفة مقدر الفعل المقدر فى قوله : ( الأنفال للَّهِ والرسول ) أى : الأنفال استقرت لله والرسول ، وثبتت مع كراهتهم ثباتاً مثل ثبات إخراج ربك إياك من بيتك وهم كارهون .والوجه الأول من الوجهين اللذين ذكرهما صاحب الكشاف هو الذى نميل إليه ، وهو الذى ذكرناه قبل ذلك بصورة أكثر تفصيلا .وأضاف - سبحانه - الإِخراج إلى ذاته فقال : ( كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ ) للإِشعار بأن هذا الإِخراج كان بوحى منه - سبحانه - وبأنه هو الراعى له فى هذا الخروج .والمراد بالبيت فى قوله : ( مِن بَيْتِكَ ) مسكنه - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أو المراد المدينة نفسها ، لأنها مثواه ومستقرة ، فهى فى اختصاصها به كاختصاص البيت بساكنه .وقوله : ( بالحق ) متعلق بقوله : ( أَخْرَجَكَ ) والباء للسببية ، أى : أخرجك بسبب نصرة الحق ، وإعلاء كلمة الدين ، وإزهاق باطل المبطلين .ويجوز أن يكون متعلقا بمحذوف على أنه حال من مفعول أخرجك ، وتكون الباء للملابسة ، أى : أخرجك إخراجاً متلبساً بالحق الذى لا يحوم حوله باطل .قال الآلوسى : وقوله : ( وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ المؤمنين لَكَارِهُونَ ) ، أى : للخروج ، إما لعدم الاستعداد للقتال ، أو للميل للغنيمة ، أو للنفرة الطبيعية عنه ، وهذا مما لا يدخل تحت القدرة والاختيار ، فلا يرد أنه لا يليق بمنصب الصحابة .والجملة فى موضع الحال ، وهى حال مقدرة؛ لأن الكراهة وقعت بعد الخروج .والمعنى الإِجمال للآية الكريمة : حال بعض المسلمين فى بدر فى كراهة قسمة الغنيمة بالسوية بينهم ، مثل حال فريق منهم فى كراهة الخروج للقتال ، مع أنه قد ثبت أن هذه القسمة ولك القتال ، كان فيهما الخير لهم ، إذ الخير فيما قدره الله وأراده ، لا فيما يظنون .
Social Share
Share With Social Media
Or Copy Link
Be our beacon of hope! Your regular support fuels our mission to share Quranic wisdom. Donate monthly; be the change we need!
Be our beacon of hope! Your regular support fuels our mission to share Quranic wisdom. Donate monthly; be the change we need!
Are You Sure you want to Delete Pin
“” ?
Add to Collection
Bookmark
Pins
Social Share
Share With Social Media
Or Copy Link
Audio Settings