Surah Al Anfal Tafseer
Tafseer of Al-Anfal : 25
Saheeh International
And fear a trial which will not strike those who have wronged among you exclusively, and know that Allah is severe in penalty.
Waseet Tafseer
Tafseer 'Waseet Tafseer' (AR)
ثم يؤكد - سبحانه - بعد ذلك ترهيبه لهم من التراخى فى تغيير المنكر فيقول : ( واتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً واعلموا أَنَّ الله شَدِيدُ العقاب ) .والفتنة : من الفتن . وأصله - كما يقول الراغب - : إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته ، واستعمل فى إدخال الإِنسان النار .كما فى قوله - تعالى - ( ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ ) أى : عذابكم . وتارة يسمون ما يحصل عنه العذاب فتنة فيستعمل فيه نحو قوله - تعالى - : ( أَلا فِي الفتنة سَقَطُواْ ) وتارة فى الاختيار نحو قوله - تعالى - ( وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً ) والمراد بالفتنة هنا العذاب الدنيوي ، كالأمراض ، والقحط ، واضطراب الأحوال ، وتسلط الظلمة ، وعدم الأمان . . وغير ذلك من المحن والمصائب والآلام التى تنزل بالناس بسبب غشيانهم الذنوب ، وإقرارهم للمنكرات ، والمداهنة فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .والخطاب لجميع فى كل زمان ومكان .فالمعنى : دواموا أيها المؤمنون على طاعة الله بقوة ونشاط ، واحذروا من أن ينزل بكم عذاب سيعم عند نزوله الأخيار والفجار والمحسنين والمسيئين .وقوله : ( واعلموا أَنَّ الله شَدِيدُ العقاب ) المراد منه الحث على لزوم الاستقامة خوفا من عقاب الله - تعالى - .أى : واعلموا أن الله شديد العقاب لمن خالف أمره ، وانتهك حرماته .قال صاحب الكشاف : وقوله ( لاَّ تُصِيبَنَّ ) لا يخلو من أن يكون جواباً للأمر ، أو نهيا بعد أمر ، أو صفة لفتنة .فإذا كان جواباً فالمعنى : إن أصابتكم لا تصيب الظالمين منكم خاصة ولكنها تعمكم . . وإذا كانت نهيا بعد أمر فكأنه قيل : واحذروا ذنباً أو عقاباً ، ثم قيل : لا تتعرضوا للظلم فيصيب العقاب أو أثر الذنب ووباله الجميع وليس من ظلم منكم خاصة .فإن قلت : كيف جاز دخول النون المؤكدة فى جواب الأمر؟قلت : لأن فيه معنى النهى - ومتى كان كذلك جاز إدخال النون المؤكدة - كما إذا قلت : انزل عن الدابة لا تطرحك أو لا تطرحنك . ومنه قوله - تعالى - : ( ياأيها النمل ادخلوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ ) وقوله ( خَآصَّةً ) منصوب على الحال من الفاعل المستكن فى قوله ( لاَّ تُصِيبَنَّ ) .ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف . إصابة خاصة .هذا ، وقد دلت الآية الكريمة على وجوب الإِقلاع عن المعاصى ، ووجوب محاربة مرتكبيها ، فإن الأمة التى تشيع فيها المعاصى والمظالم والمنكرات . . ثم لا تجد من يحاربها ويعمل على إزالتها ، تستحق العقوبة جزاء سكوتها واستخذائها وجبنها .وقد ذكر بعض المفسرين أن هذه الآية الكريمة نزلت فى حق بعض الصحابة الذين اشتركوا فى وقاعة الجمل فيما بعد .ولكن هذا القول غير صحيح؛ لأن الآية الكريمة تخاطب المؤمنين جميعاً فى كل زمان ومكان ، وأمرهم بالبعد عن المعاصى والمنكرات التى تفضى بهم إلى العذاب الدنيوى قبل الأخروى . وليست خاصة بفريق دون فريق .لذا قال ابن كثير : والقول بأن هذا التحذير يعم الصحابة وغيرهم الصحيح ، ويدل عليه الأحاديث الواردة فى التحذير من الفتن .ومن ذلك ما رواه الإِمام أحمد عن عدى بن عميرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الله - تعالى - لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه ، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة " .وروى الإِمام أحمد أيضاً عن جرير بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال : " ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصى وهم أعز وأكثر ممن يعملون ، ثم لم يغيروه ، إلا عمهم الله بعقاب " .وقال الإِمام القرطبى : قال ابن عباس : أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العذاب .ففى صحيح مسلم " عن زينب بنت جحش أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت له : يا رسول الله ، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : " نعم إذا كثر الخبث " " .وفى صحيح الترمذى : " إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه ، أو شك أن يعمهم الله بعقاب من عنده " .وفى صحيح البخارى والترمذى عن النعمان بن بشير عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال : " مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا - أى اقترعوا - على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا : لو أنا خرقنا فى نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا ، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً " .ففى هذا الحديث تعذيب العامة بذنوب الخاصة .قال علماؤنا : فالفتنة إذا عمت هلك الكل وذلك عند ظهور المعاصى ، وانتشار المنكر وعدم التغيير . وإذا لم تغير وجب على المؤمنين المنكرين لها بقلوبهم هجران تلك البلدة والهرب منها .روى ابن وهب عن مالك قال : تهجر الأرض التى يصنع فيها المنكر جهارا ولا يستقر فيها .واحتج بصنيع أبى الدرداء فى خروجه عن أرض معاويةحين أعلن بالربا ، فأجاز بيع ساية الذهب بأكثر من وزنها .فإن قيل : فقد قال الله - تعالى - ( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى ) وقال : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) وهذا يوجب ألا يؤخذ أحد بذنب أحد ، وإنما تتعلق العقوبة بصاحب الذنب؟فالجواب أن الناس إذا تظاهروا بالمنكر فمن الفرض على كل من رآه أن يغيره ، فإذا سكت عليه فكلهم عاص؛ هذا بفعله وهذا برضاه ، وقد جعل الله فى حكمه الراضى بمنزلة العامل؛ فانتظم فى العقوبة .وقال بعض العلماء : وذكر القسطلانى " أن علامة الرضا بالمنكر عدم التألم من الخلل الذى يقع فى الدين بفعل المعاصى ، فلا يتحقق كون الإِنسان كارها له ، إلا إذا تألم للخلل الذى يقع فى الدين ، كما يتألم ويتوجع لفقد ماله أو ولده . فكل من لم يكن بهذه الحالة ، فهو راض بالمنكر ، فتعمه العقوبة والمصيبة بهذا الاعتبار .
Social Share
Share With Social Media
Or Copy Link
Be our beacon of hope! Your regular support fuels our mission to share Quranic wisdom. Donate monthly; be the change we need!
Be our beacon of hope! Your regular support fuels our mission to share Quranic wisdom. Donate monthly; be the change we need!
Are You Sure you want to Delete Pin
“” ?
Add to Collection
Bookmark
Pins
Social Share
Share With Social Media
Or Copy Link
Audio Settings