Surah Al Anfal Tafseer
Tafseer of Al-Anfal : 1
Saheeh International
They ask you, [O Muhammad], about the bounties [of war]. Say, "The [decision concerning] bounties is for Allah and the Messenger." So fear Allah and amend that which is between you and obey Allah and His Messenger, if you should be believers.
Waseet Tafseer
Tafseer 'Waseet Tafseer' (AR)
لعل من الخير قبل أن نتكلم فى تفسير هذه الآيات الكريمة أن نذكر بعض الروايات التى وردت فى سبب نزولها . فإن معرفة سبب النزول يعين على الفهم السليم .قال الإِمام ابن كثير - ما ملخصه - روى الإِمام أحمد بن عبادة بن الصامت قال خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشهدت معه بدرا فالتقى الناس . فهزم الله - تعالى - العدو ، فانطلقت طائفة فى آثام يهزمون ويقتلون . وأقبلت طائفة على العسكر يجوزونه ويجمعونه . وأحدثت طائفة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكى لا يصيب العدو منه غرة . حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض ، قال الذين جمعوا الغنائم : نحن حويناها وجمعناها ، فليس لأحد فيها نصيب ، وقال الذين خرجوا فى طلب العدو : لستم بأحق بها منا ، نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم . وقال الذين أحدقوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لستم أحق بها منا . نحن أحدقنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم مخافة أن صيب منه غرة فاشتغلنا به - فنزلت : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال قُلِ الأنفال للَّهِ والرسول ) . . فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المسلمين .وروى أبو داود والنسائى وابن جرير وابن مردويه - واللفظ له - عن ابن عباس قال : " لما كان يوم بدر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صنع كذا وكذا فله كذا وكذا ، فتسارع فى ذلك شبان القوم ، وبقى الشيوخ تحت الرايات . فلما كانت المغانم جاءوا يطلبون الذى جعل لهم . فقال الشيوخ : لا تسأثروا علينا فإنا كنا ردءاً لكم ، لو انكشفتم لبثتم إينا . فتنازعوا ، فأنزل الله - تعالى - : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال قُلِ الأنفال للَّهِ والرسول ) " .وقال الثورى ، عن الكلبى ، عن أبى صالح عن ابن عباس قال : لما كان يوم بدر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " " من قتل قتيلا فله كذا وكذا ، ومن أتى بأسير فله كذا وكذا " ، فجاء أبو اليسر بأسيرين ، فقال : يا رسول الله صلى الله عليك - أنت وعدتنا . فقام سعد بن عبادة فقال : يا رسول الله ، إنك لو أعطيت هؤلاء لم يبق لأصحابك شئ ، وإنه لم يمنعنا من هذا زهادة فى الأجر ولا جبن عن العدو ، وإنما قمنا هذا المقام محافظة عليك مخافة أن يأتوك من ورائك . فتشاجروا ، ونزل القرآن : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال قُلِ الأنفال للَّهِ والرسول ) " .وقال الإِمام أحمد : حدثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق ، عن عبد الرحمن عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبى أمامة قال : سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال : فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا فى النفل ، وساءت فيه أخلاقنا ، فنزعه الله من أيدنا وجعله إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقسمه بين المسلمين عن بواء - أى : على السواء .هذه بعض الروايات التى وردت فى سبب نزول هذه الآيات ، ومنها يتبين لنا أن نزاعاً حدث بين بعض الصحابة الذين اشتركوا فى غزوة بدر ، حول الغنائم التى ظفروا بها من هذه الغزوة ، فأنزل الله - تعالى - فى هذه الآيات بيان حكمه فيها .والضمير فى قوله ( يَسْأَلُونَكَ ) يعود إلى بعض الصحابة الذين اشتركوا فى غزوة بدر ، وصح عود الضمير إليهم مع أنهم لم يسبق لهم ذكر ، لأن السورة نزلت فى هذه الغزوة ، ولأن هؤلاء الذين اشتركوا فيها هم الذين يهمهم حكمها ، ويعنيهم العلم بكيفية قسمتها .قال الإِمام الرازى - ما ملخصه - : فإن قيل من هم الذين سألوا؟ فالجواب : إن قوله ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال ) إخبار عمن لم يسبق ذكرهم ، وحسن ذلك ههنا ، لأنه فى حالة النزول كان السائل عن هذا السؤال معلوماً فانصرف اللفظ إليهم . ولا شك أنهم كانوا أقواماً لهم تعلق بالغنائم والأنفال ، وهم أقوام من الصحابة اشتركوا فى غزوة بدر .والأنفال جمع نفل - بفتح النون والفاء - كسبب وأسباب - وهو فى أصل اللغة من النفل - بفتح فسكون - أى : الزيادة ، ولذا قيل للتطوع نافلة ، لأنه زيادة عن الأصل وهو الفرض وقيل لولد الولد نافلة ، لأنه زيادة على الولد . قال - تعالى - : ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ) قال الآلوسى : ثم صار النفل حقيقة فى العطية ، لأنها لكونها تبرعاً غير لازم كان زيادة ، ويسمى به الغنيمة أيضا وما يشترطه الإِمام للغازى زيادة على سهمه لرأى يراه سواء أكان لشخص معين أو لغير معين ، وجعلوا من ذلك ما يزيده الإِمام لمن صدر منه اثر محمود فى الحرب كبراز وحسن إقدام ، وغيرهما .وإطلاقه على الغنيمة ، باعتبار أنها زيادة على ما شرع الجهاد له وهو إعلاء كلمة الله ، أو باعتبار أنها زيادة خص الله بها هذه الأمة ، أو باعتبار أنها منحة من الله - تعالى - من غير وجوب .ثم قال : ومن الناس من فرق بين الغنيمة والنفل بالعموم والخصوص . فقيل : الغنيمة ما حصل مستغنماً سواء أكان بتعب أو بغير تعب ، قبل الظفر أو بعده ، والنفل ما كان قبل الظفر ، أو ما كان بغير قتال وهو " الفئ " .والمراد بالأنفال هنا الغنائم كما ورى عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، وابن زيد ، وطائفة من الصحابة وغيرهم .هذا ، وجمهور العلماء على أن المقصود من سؤال بعض الصحابة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأنفال - أى الغنائم - إنما هو حكمها وعن المستحق لها ، فيكون المعنى :يسألك بعض أصحابك يا محمد عن غنائم بدر كيف تقسم؟ ومن المستحق لها؟ قل لهم : الأنفال يحكم فيها بحكمه - سبحانه - وللرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو الذى يقسمها على حسب حكم الله وأمره فيها .وفى هذه الإِجابة على سؤالهم تريبة حكيمة لهم - وهم فى أول لقاء لهم مع أعداءهم حتى يجعلوا جهادهم من أجل إعلاء كملة الله . أما الغنائم والأسلوب وأعراض الدنيا التى تأتيهم من وراء جهاده فعليهم ألا يجعلوها ضمن غايتهم السامية من جهادهم ، وأن يفوضوا الأمر فيها لله ورسوله عن إذعان وتسليم .وبعض العلماء يرى أن السؤال للاستعطاء ، وأن المراد بالأنفعال ما شرط للغازى زيادة على سهمه ، وأن حرف " عن " زائدة ، أو هو بمعنى من ، فيكون المعنى : يسألك بعض أصحابك يا محمد إعطاءهم الأنفعال التى وعدتهم بها زايدة على سهامهم فيها . قل لهم : الأنفال لله ولرسوله .والذى نراه أن الرأى الأول أرجح وذلك لأمور منها :1- بعض الروايات التى وردت فى أسباب نزول هذه الآية تؤيده تأييداً صريحاً ، ومن ذلك ما سبق أن ذكرناه عن عبادة بن الصامت أنه قال : " فينا معشر أصحاب بدر نزلت ، حين اختلفنا فى النفل ، وساءت فيه أخلاقنا ، فنزعه الله من أيدينا . فجعله إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم فقسمه بين المسلمين عن بواء " .2- ولأن غزوة بدر كانت أول غزوة لها شأنها وأثرها بين المسلمين والكافرين ، وكانت غنائهما الضخمة التى ظفر بها المؤمنون من المشركين ، حافزاً لسؤال بعض المؤمنين رسولهم - صلى الله عليه وسلم -عن حكمها وعن المستحق لها .3- ولأن الجواب عن السؤال بقوله - تعالى - : ( قُلِ الأنفال للَّهِ والرسول ) يؤيد أن السؤال إنما هو عن حكم الأنفال وعن مصرفها ، إذ أن هذا الجواب يفيد أن اختصاص أمرها وحكمها مرجعه إلى الله ورسوله دون تدخل أحد سواهما .ولو كان السؤال للاستعطاء لما كان هذا جواباً له ، فإن اختصاص حكم ما شرط لهم بالله والرسول لا ينافى إعطاءه إياهم بل يحققه ، لأنهم إنما يسألونه بموجب شطره لهم الصادر عنه بإذن الله - تعالى - لا بحكم سبق أيديهم إليهم أو نحو ذلك مما يخل بالاختصاص المذكور .4- ولأن قوله - تعالى - بعد ذلك ( فاتقوا الله وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ . . ) إلخ يؤيد أن السؤال عن حكم الأنفال ومصرفها بعد أن تنازعوا فى شأنها ، فهو - سبحانه - ينهاهم عن هذا التنازع ، وبأمرهم بأن يصونوا أنفهسم عن كل ما يغضب الله . . . ولو كان السؤال للاستعطاء - بناء على ما شرطه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لبعض زيادة على سهامهم - لما كان هناك محذور يجب اتقاؤه ، لأنهم لم يطلبوا من الرسول إلا ما وعدهم به وهذا لا محظور فيه .5- ولأن الآية الكريمة بمطوقها الواضح ، وبتركيبها البليغ ، وبتوجيهها السامى ، تفيد أن السؤال إنما هو عن حكم الأنفال وعن المستحق لها . . أما القول بأن السؤال سؤال استعطاء وأن عن زائدة أو بمعنى من فهو تكلف لا ضرورة إليه .والمعنى الواضح الجلى للآية الكريمة - كما سبق أن بينا - : يسألك بعض أصحابك يا محمد عن غنائم بدر كيف تقسم ، ومن المستحق لها؟ قل لهم : الأنفال لله يحكم فيها بحكمه ، ولرسوله يقسمها بحسب حكم الله فيها ، فهو - سبحانه - العليم بمصالح عباده ، الحكيم فى جميع أقواله وأفعاله .قال صاحب الكشاف : فإن قلت : ما وحه الجمع بين ذكر الله والرسول فى قوله : ( قُلِ الأنفال للَّهِ والرسول ) ؟قلت : معناه أن حكمها مختص بالله ورسوله ، يأمر الله بقسمتها على ما تقتضيه حكمته ، و يمتثل الرسول أمر الله فيها ، وليس الأمر فى قسمتها مفوضاً إلى رأى أحد ، والمراد : " أن الذى اقتضته حكمته الله وأمر به رسوله أن يواسى المقاتلة المشروط لهم التنفيل الشيوخ الذين كانوا عند الرايات ، فيقاسموهم على السوية ولا يستأثروا بما شرط لهم ، فإنهم إن فعلوا لم يؤمن أن يقدح ذلك فيما بين المسلمين من التحاب والتصافى " .وقوله : ( فاتقوا الله وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) حض لهم على تقوى الله وامتثال أمره ، وإصلاح ذات بينهم ، وتحذير لهم من الوقوع فى المعاصى والنزاع والخلاف .وكلمة ( ذَاتَ ) بمعنى حقيقة الشئ ونفسه . ، ولا تستعمل إلا مضافة إلى الظاهر ، كذات الصدور ، وذات الشوكة .وكلمة ( بِيْنِكُمْ ) ، من البين ، وهو مصدر بان يبين بيناً ، متى بعد ، ويطلق على الاتصال والفراق ، أى : على الضدين ، ومنه قول الشاعر :فوالله لولا البين لم يكن الهوى ... ولولا الهوى ما حس للبين آلفوالمراد به فى الآية الاتصال .أى : فاتقوا الله - أيها المؤمنون - ، واصلحوا نفس ما بينكم وهى الحال والصفة التى بينكم والتى تربط بعضكم ببضع وهى رابطة الإِسلام . وإصلاحها يكون بما يقتضيه كمال الإِيمان من الموادة والمصافاة ، وترك الاختلاف والتنازع ، والتمسك بفضيلة الإِيثار .وكلمة ( ذَاتَ ) على هذا المعنى مفعول به .ومنهم من يرى أن كلمة " ذات " بمعنى صاحبة ، وأنها صفة لمفعول محذوف ، فيكون المعنى : فاتقوا الله وأصلحوا أحوالا ذات بينكم .وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله : " فإن قلت : ما حقيقة قوله : ( ذَاتَ بِيْنِكُمْ ) " .قلت : أحوال بينكم ، يعنى ما بينكم من الأحوال ، حتى تكون أحوال ألفة ومودة واتفاق .كقوله : ( بِذَاتِ الصدور ) وهى مضمراتها .ولما كانت أحوال ملابسة للبين قيل لها : ذات البين ، كقولهم : استقنى ذا إنائك ، يريدون ما فى الإِناء من الشراب . .وقوله ( وَأَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ ) معطوف على ما قبله ، وهو قوله : ( فاتقوا الله ) .أى : فاتقوا الله - أيها المؤمنون - فى كل أقوالكم وأفعالكم ، وأصلحوا ما بينكم من الأحوال التى تكون أحوال ألفة ومحبة ومودة ، وأطيعوا الله ورسوله فى حكمه الذى قضاه فى الأنفال وفى غيرها ، من كل أمر ونهى ، وقضاء وحكم . .وقد كر - سبحانه - الاسم الجليل فى هذه الآية ثلاث مرات ، لتربية المهابة فى القلوب ، وتعليل الحكم حتى تقبله النفوس بإذعان وتسليم .وذكر - سبحانه - رسوله معه مرتين فى هذه الآية ، لتعظيم شأنه ، وإظهار شرفه ، والإِذيان بأن طاعته - صلى الله عليه وسلم - طاعة لله - تعالى - ، ومخالفته مخالفة لأمر الله - تعالى؟ قال - سبحانه - : ( مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله وَمَن تولى فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ) ووسَّط - سبحانه - الأمر بإصلاح ذات البين بين الأمر بالتقوى والأمر بالطاعة ، لإِظهار كمال العناية بالإِصلاح ، وليندرج الأمر به بعينه تحت الأمر بالطاعة .وقوله : ( إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) متعلق بالأوامر الثلاثة السابقة ، وهى : التقوى ، وإصلاح ذات البين ، وطاعة الله ورسوله .وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله ، أى : إن كنتم مؤمنين إيمانا حقا فامتثلوا هذه الأوامر الثلاثة السابقة .قال الآلوسى : قوله ( إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) جوابه محذوف ثقة بدلالة المذكور عليه ، أو المذكور هو الجواب على الخلاف المشهور . وأيا ما كان فالمراد بيان ترتب ما ذكر عليه لا التشكيك فى إيمانهم ، وهو يكفى التعليق بالشرط .والمراد بالإِيمان : التصديق . ولا خفاء فى اقتضائه ما ذكر ، على معنى أنه من شأنه ذلك لا أنه لازم له حقيقة .وقد يراد بالإِيمان الكامل والأعمال شرط فيه أو شطر ، فالمعنى : إن كنتم كاملى الإِيمان ، فإن كمال الإِيمان يدور على تلك الخصال الثلاثة : الاتقاء ، والإِصلاح ، وإطاعة الله - تعالى - .ويؤيد إرادة الكمال قوله - سبحانه - بعد ذلك ( إِنَّمَا المؤمنون ) إذ المراد به قطعا الكاملون فى الإِيمان وإلا لم يصح الحصر . .وعلى أية حال ففى هذا التذييل تنشيط للمخاطبين ، وحث لهم على الامتثال والطاعة ، ودعوة لهم إلى أن يكون إيمانهم إيمانا عميقا راسخا ، متفقا مع كل ما جاءهم به رسولهم - صلى الله عليه وسلم - من هدايات وإرشادات ، ومتساميا عن كل ما يخدش صفاءه ونقاءه من متع وشهوات .
Social Share
Share With Social Media
Or Copy Link
Be our beacon of hope! Your regular support fuels our mission to share Quranic wisdom. Donate monthly; be the change we need!
Be our beacon of hope! Your regular support fuels our mission to share Quranic wisdom. Donate monthly; be the change we need!
Are You Sure you want to Delete Pin
“” ?
Add to Collection
Bookmark
Pins
Social Share
Share With Social Media
Or Copy Link
Audio Settings