Surah Al Ma'idah Tafseer
Tafseer of Al-Ma'idah : 59
Saheeh International
Say, "O People of the Scripture, do you resent us except [for the fact] that we have believed in Allah and what was revealed to us and what was revealed before and because most of you are defiantly disobedient?"
Tanweer Tafseer
Tafseer 'Tanweer Tafseer' (AR)
هذه الجمل معترضة بين ما تقدّمها وبين قوله : { وإذا جاؤوكم } [ المائدة : 61 ] . ولا يتّضح معنى الآية أتمّ وضوح ويظهرُ الدّاعي إلى أمْرِ الله ورسوله عليه الصّلاة والسلام بأن يواجههم بغليظ القول مع أنّه القائل { لا يحبّ الله الجهر بالسوء من القول إلاّ من ظُلم } [ لنساء : 148 ] والقائل { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن إلاّ الّذين ظلموا منهم } [ العنكبوت : 46 ] إلاّ بعد معرفة سبب نزول هذه الآية ، فيعلم أنّهم قد ظَلَموا بطعنهم في الإسلام والمسلمين . فذكر الواحدي وابن جرير عن ابن عبّاس قال : جاء نفر من اليهود فيهم أبو ياسر بنُ أخطب ، ورافعُ بن أبي رَافع ، وعازر ، وزيد ، وخالد ، وأزار بن أبي أزار ، وأشيع ، إلى النّبيء فسألوه عمّن يُؤمِن به من الرسل ، فلمّا ذكر عيسى ابن مريم قالوا : لا نؤمن بمَن آمن بعيسى ولا نعلم ديناً شَرّاً من دينكم وما نعلم أهلَ دين أقلّ حظّاً في الدنيا والآخرة منكم ، فأنزل الله { قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منّا إلاّ أن آمنا بالله إلى قوله وأضلّ عن سواء السبيل } . فخصّ بهذه المجادلة أهل الكتاب لأنّ الكفّار لا تنهض عليهم حجّتها ، وأريد من أهل الكتاب خصوص اليهود كما يُنبىء به الموصولُ وصلتُه في قوله : { مَن لَعنه اللّهُ وغضب عليه } الآية . وكانت هذه المجادلة لهم بأنّ ما ينقمونه من المؤمنين في دينهم إذا تأمّلوا لا يجدون إلاّ الإيمانَ بالله وبما عند أهل الكتاب وزيادة الإيمان بما أنزل على محمّد صلى الله عليه وسلموالاستفهام إنكاري وتعجّبي . فالإنكار دلّ عليه الاستثناء ، والتعجّبُ دلّ عليه أنّ مفعولات { تنقمون } كلّها محامد لا يَحقّ نَقْمُها ، أي لا تجدون شيئاً تنقمونه غير ما ذكر . وكلّ ذلك ليس حقيقاً بأن يُنقم . فأمّا الإيمان بالله وما أنزل من قبلُ فظاهر أنّهم رَضُوه لأنفسهم فلا ينقمونه على من ماثَلَهم فيه ، وأمّا الإيمان بما أنزل إلى محمّد فكذلك ، لأنّ ذلك شيء رضيه المسلمون لأنفسهم وذلك لا يهُمّ أهل الكتاب ، وَدَعا الرسول إليه أهل الكتاب فمن شاء منهم فليؤمن ومن شاء فليكفر ، فما وجْه النقْم منه . وعدّي فعل { تنقمون } إلى متعلِّقه بحرف ( من ) ، وهي ابتدائية . وقد يعدّى بحرف ( على ) .وأمّا عطف قوله تعالى : { وأنّ أكثرهم فاسقون } فقرأه جميع القرّاء بفتح همزة ( أنّ ) على أنّه معطوف على { أن آمنّا بالله } .وقد تحيّر في تأويلها المفسّرون لاقتضاء ظاهرها فسق أكثر المخاطبين مع أنّ ذلك لا يَعترف به أهله ، وعلى تقدير اعترافهم به فذلك ليس ممّا يُنْقَم على المُؤمنين إذ لا عمل للمؤمنين فيه ، وعلى تقدير أن يكون ممّا يُنقم على المؤمنين فليس نقْمُه عليهم بمحلّ للإنكار والتعَجّب الّذي هو سياق الكلام .فذهب المفسّرون في تأويل موْقع هذا المعطوف مذاهب شتّى؛ فقيل : هو عطف على متعلّق { آمنَّا } أي آمنّا بالله ، وبفسق أكثركم ، أي تَنقِمون منّا مجموعَ هذين الأمرين . وهذا يُفيت معنى الإنكار التعجّبي لأنّ اعتقاد المؤمنين كَونَ أكثر المخاطبين فاسقون يجعل المخاطبين معذورين في نقْمه فلا يتعجّب منه ولا ينكر عليهم نقمه ، وذلك يخالف السياق من تأكيد الشيء بما يشبه ضدّه فلا يلتئم مع المعطوف عليه ، فالجمع بين المتعاطفين حينئذٍ كالجمع بين الضبّ والنّون ، فهذا وجه بعيد .وقيل : هو معطوف على المستثنى ، أي ما تنقمون منّا إلاّ إيمانَنا وفسقَ أكثركم ، أي تنقمون تخالف حالينا ، فهو نَقْمُ حَسَد ، ولذلك حسن موقع الإنكار التعجّبي . وهذا الوجه ذكره في «الكشاف» وقَدّمَه وهو يحسن لو لم تكن كلمة { مِنّا } لأنّ اختلاف الحالين لا ينقم من المؤمنين ، إذ ليس من فعلهم ولكن من مُصَادفة الزّمان .وقيلَ : حُذف مجرور دلّ عليه المذْكور ، والتّقدير : هل تنقمون منّا إلاّ الإيمانَ لأنّكم جائرُون وأكثركم فاسقون ، وهذا تخريج على أسلوب غير معهود ، إذ لم يعرف حذف المعطوف عليه في مثل هذا . وذكر وجهان آخران غير مرضيين .والّذي يظهر لي أن يكون قوله : { وأنّ أكثركم فاسقون } معطوفاً على { أنّ آمنّا بالله } على ما هو المتبادر ويكون الكلام تهكّماً ، أي تنقمون منّا أنّنا آمنّا كإيمانكم وصدّقنا رسلكم وكتبكم ، وذلك نَقْمُهُ عجيب وأنّنا آمنّا بما أنزل إلينا وذلك لا يهمّكم . وتنقمون منّا أنّ أكثركم فاسقون ، أي ونحنُ صالحون ، أي هذا نَقْم حَسَد ، أي ونحن لا نملك لكم أن تكونوا صالحين . فظهرت قرينة التهكّم فصار في الاستفهام إنكار فتعَجُّب فتهكُّم ، تولَّد بعضُها عن بعض وكّلها متولّدة من استعمال الاستفهام في مجازاته أو في معان كنائية ، وبهذا يكمل الوجه الّذي قدّمه صاحب «الكشاف» .
Social Share
Share With Social Media
Or Copy Link
Be our beacon of hope! Your regular support fuels our mission to share Quranic wisdom. Donate monthly; be the change we need!
Be our beacon of hope! Your regular support fuels our mission to share Quranic wisdom. Donate monthly; be the change we need!
Are You Sure you want to Delete Pin
“” ?
Add to Collection
Bookmark
Pins
Social Share
Share With Social Media
Or Copy Link
Audio Settings